| 0 التعليقات ]

أصابني الحزن الكبير الضيق الشديد وأنا أقرأ خبر وفاة طفلة تبلغ من العمر أربع سنين داخل حافلة مدرسية (هنا) .. هذا الموت البطيء لطفلة بريئة لا تنشد من هذه الدنيا غير القليل .. لا تتجاوز أحلامها غير الوصول إلى المدرسة ووصولها إلى أحضان ابويها الدافئين .. لا أستطيع تخيل حالة هاذين الوالدين بعد سماع هذا الخبر .. ولن أستطيع ابدا أن اشعر بمرارة تلك اللحظات مثلهما .. ولكنها للأسف مرت مرور الكرام على مسؤولي وزارة التربية ..

المغضب في الأمر أن تأتي مدير عام المديرية العامة للمدارس الخاصة وتلقي بالمسؤولية على المدرسة والمشرفه فقط، وتُخرج بذلك الوزارة من دائرة المسؤولية، وكأن النظام إخترعته هذه المدرسة فقط ، وكأن الوزارة أرست قواعد ذهبية في مسائل حافلات المدرسة، وكأن هؤلاء يعيشون في القمر ولا يزورون أرض الواقع المؤلم .. طال الحديث عن هذه الحافلات وعن نظام الموصلات المتبع في المدارس على العموم .. حافلات ليست حتى بجديره بحمل أي انسان كان، يُحمل عليها طلاب وطالبات يحتاجون إلى توجيهات كثيره بسبب سنهم الصغير أو سنهم المفرط في الحركة .. فما بالك بأطفالنا أفلاذ أكبادنا .. ينتابني الغضب الشديد حيال هذا الأمر .. أليسوا هؤلاء أبناء هذا الوطن وعماد مستقبله .. أليسوا هؤلاء من نبذل حياتنا من أجلهم .. وفي الأخير بسبب إهمال الوزارة أولاً تتحطم قلوبنا وتتكسر أحلامنا .. نعم هي الوزارة المسؤول الأول والأخير في هذا الشأن .. هي المسؤولة عن رسم قواعد الموصلات وشروط الحافلات .. هي المسؤولة عن وضع الإجراءات الإشرافية لهذه الحافلات .. وفي الأخير هي المسؤولة عن كل طفل وطفلة، طالب وطالبة من لحظة خروجه من عتبات منزله .. وليست هذه مسؤولية المدرسة فقط .. ليس الأمر بحاجة إلى الكثير من التفكير لإيجاد هذه الحقيقة التي تحاول أو يحاول مسؤولي وزارة التربية والتعليم إخفاءها بقليل من التملق الغريب لكسب قلوب أباء مكسورة مثلما جاء في الخبر (أضافت أنها منذ الحادثة كانت مع عدد من مسؤولي التربية والتعليم خطوة بخطوة من مركز شرطة الخوض حيث تم تقديم البلاغ هناك إلى مستشفى الشرطة إلى المدفن ، وان هذا واجب تقدمه الوزارة لأسرة الفقيدة متأسفة لكل روح بريئة أزهقت بسبب الإهمال .)

ليس علاج هذه المشكلة يحتاج الكثير من البراعة والإبتكار .. إنما هي أمور بسيطه في متناول الوزارة والدولة .. ليس الأمر بحاجة إلا إلى حافلات جديدة فيها الكثير من شروط السلامة وليس تلك العتيقة المستخدمة منذ أن كنت صغيراً .. بالية ما هي إلا خردات بعجلات .. والحجة هنا أن الوزارة تنظر بعين العطف على أصحاب الحافلات الفقراء إن كانوا فقراء حقاً .. ليس في الأمر مساومة ولا يتحمل الكثير من الجدال .. هو نظام يضمن للجميع الراحة وللوطن القليل من القلق والأمور العالقة .. وكما أن الملايين والمليارات تصرف في بناء الطرق والمطارات، فلن توجد هناك أي معضلة في إيجاد بضعة ملايين تُصرف على حافلات ومشرفين أكفاء ..

للنظام والإجراءات الموضوعة من قبل أي وزارة أهمية كبيرة في تحسين وضع أي حال كان وله أهمية كبيره في دفع عجلة التنمية .. وواجب المتواجدين في أعلى الهرم الوزاري هو تحسين الاجراءات والأنظمة المتبعة وليس كما يفهم البعض أن واجبهم فقط تسيير أمور الوزارة أو المؤسسة .. تسييرها كما كانت تُسير من قِبل الذين كانوا من قبلهم .. مما يحملهم إتباع نفس الإجراءت الموضوعة منذ بداية السبعينات بعيون مغلقة وأذان صماء .. الكثيرين في واقعنا المؤلم لا يحسن التفكير فيما يفعله كل يوم ولم يفكر يوماً في تحسينه .. فهذه العقول الجامدة هي من تصعب المهمة في وجه هؤلاء المفعين بحب التجديد وطرح الحلول الجديدة .. وهذا ما يمكن أن ألمسه في هذه الحادثة .. إلقاء المسؤولية على عاتق من هم أقل نفوذا وصلاحيه .. وتبريء صاحب النفوذ والمسؤول عن تحسين الوضع والإجراءت في جميع مدارس السلطنة .. أليس الأحرى أن تأخذ المبادرة وضعها الطبيعي وأن يتحرك من في أعلى الهرم لحل مشكلة طال إنتظار حلها .. أم أن الحال سينتهي بمعاقبة مشرفة الحافلة أو سائقها المساكين .. وكما يقولون (الرهوة على المربوطه) ...

ومتابعةً للخبر .. يدهشني حقاً أن يتحول محور الحديث الذي من المفترض أن يسلط الضوء على أهمية إيجاد حلول جذرية لهذه الحوادث المتكررة، وفجأة يتحول الحديث إلى تسويق مبطن لمدرسة خاصة أخرى، ودفاع مستميت من قبل مدير عام المديرية العامة للمدارس الخاصة عن هذه المدرسة وبذلك ألغت كل مباديء الاحترام لهذه القضية .. ولعل الخبر جاء فقط لتبرئة الوزارة ومسؤوليها ودفع التهم عن مدرسة أخرى .. وليس في الخبر أي إشارة عن وجود نية من الوزارة لمعالجة جذرية لهذه المشكلة .. وهذا يحدث في مختلف القضايا وإنه لأمر مؤلم ..

في الختام .. في وطني الغالي للأسف ليس هناك مكان للتجديد ولا للأفكار الشابة وليس هناك مكان أو ترحيب للنقد سواء كان بناءاَ أم هداماَ .. أغلب المسؤولين يتصفون بالطبيعة الدفاعية عن كل شي يصل إليهم .. هذا ما سيجعل عجلة التنمية راكدة يصيبها الصدأ من أفكار جائت في زمن غير هذا الزمن .. أفكار لا تواكب العصر فكراً ولا تطبيقاً .. ولا تجد حلول لمشاكل إستجدت في هذا العصر الحالي .. هناك من يحاول أن يجدد وينقد ولكن تبقى العيون مغلقة والأذان مسدودة للأسف .. فيا مسؤولين فلكتكونوا حقاً أكفاء تحملون عبء هذه المسؤولية فليس الحمل بصغير .. وخصوصاُ اذا ما كان هذا يتعلق بأغلى شي يمتلكونه في حياتهم ..

0 التعليقات

إرسال تعليق