| 0 التعليقات ]


"إستعراض عسكري أنيق للمرأه الشرطية .. تحية "لحماة الحق"" هكذا إستهلت جريدة عمان في ملحقها الخاص بمناسبة العيد الوطني الحادي والأربعين وصفاً للإستعراض الذي قدمته الشرطة النسائية بهذه المناسبة .. هذا الإستعراض الذي أثار حفيظة الكثيرين .. وسخر منه الأخرون .. وكان القلق نصيب مجموعة كبيرة .. هذا الوصف الذي لا أعلم من أطلقه على هذه المجموعة النسائية ووصفهن ب"حماة الحق" ، كنت ربما سأوافق على لقب "حماة الوطن" ولربما كان الرجل أحق بذلك .. هذا لا يعني أن النساء نصريات الظلم ولكن كان دائما الرجل هو من يناصر الحق ويدافع عنه ويدافع به عن النساء .. وأيضا هذا التأكيد المتواصل في معظم الجرائد المحلية بالأناقة التي أتسم بها هذا الحفل، يثير تساؤلات غير محبذة .. لا أعلم إن كان مصدر هذه الأناقة فن الإستعراض العسكري المنظم بصفوفه المتوازية .. أم أن البعض رأى في هذا الإستعراض "العسكري" حفل أزياء أنيق تقدمه فتيات عمان الأنيقات !!

لا يكاد يختلف إثنان على أن عمل المرأة في عمان وغيرها أصبح ضرورة ملحة إقتصادياً وإجتماعياً .. فالمتأمل في التركيبة السكانية فإنه يلاحظ أن الهرم السكاني للنساء العمانيات متشابة إلى حد بعيد إلى الرجال، وعلى العموم فإن النساء يشكلن 49.39% من عدد السكان وهو في زيادة مطرده ومن الممكن أن نرى عدد النساء سيفوق عدد الرجال في السنوات القادمة .. هذه الحقائق تلزم الدولة والمجتمع وتلزم المرأة أيضا بتمكين هذه الطاقة التي يمكن أن يكون إنتاجها يوازي أو يفوق إنتاج الرجال .. وليس من العبث من شي في تذليل الصعاب والسبل من أجل خلق مجتمع يرى في المرأه طاقة يجب أن تُستثمر في بناء هذا الوطن .. وهذا بالفعل ما حدث في عمان وهو أمر –بالنسبة لي- يستحق الإشادة والإستمرار على نهجه .. ربما تختلف وجهات النظر في تأثير زيادة عدد السكان في التنمية الإقتصادية، ربما سيقول البعض أن زيادة عدد السكان سيخلق مشاكل إقتصادية وإجتماعية كثيرة ولا يؤدي إلى أي تنمية إقتصادية ولكن الغالب أن زيادة عدد السكان سيؤدي إلى تنمية إقتصادية وهذا ما أثبتته بعض الدول مثل الولايات المتحدة الإمريكية وربما جارتنا الإمارات .. هذا بشرط أن نوجد فعلاً الطرق الصحيحة في توجيه هذه القوة البشرية لتصبح قوة إقتصادية منتجة .. ولكن إن إفتقرت هذه القوى لبشرية إلى هذا التوجيه وإلى العناية والتدريب وإلى توفير الأماكن للإنتاج فهذا لا شك سيخلق عبئاً ثقيلاً على الدولة وعلى مواردها .. وهنا يطرح السؤال نفسه هل تم توفير هذه السبل والعناية لهذه الفئة أو بالأحرى يجب أولا السؤال هل تم توفير هذه السبل للفئة الأولى العاملة ألا وهي الرجال ..

سأتخطى مسألة السبل والتدريب وسأتكلم عن مسألة الشواغر .. تقدر البطالة في عمان ب 15% وهي نسبة كبيرة قياساً إلى الدول المجاورة التي لا تتعدى نسبة البطالة فيها عن 5% (هنا و هنا) هذه النسبة الكبيرة تدل على أن مخرجات التعليم سواء من النساء والرجال لا يجدون الشواغر المناسبة لتسخير طاقاتهم لبناء هذا الوطن .. الواضح هنا أن القوى البشرية المتاحة لا تجد الفرص الكافية لتحويل هذه الطاقات إلى إنتاج حقيقي، وبالتالي فبالفعل إن زيادة عدد السكان في وطني سيكون عبئاً كبيراً على الدولة .. ولكن هذا يتناقض جداً مع الواقع والتوجه في الدولة ، وهنا أتكلم عن بناء فئة جديدة وهي "حماة الحق" .. هذا العسكري الأنيق الذي كان يجب أن يكون خشناً قاسياً حتى في تقاسيم وجهه حتى يتمكن من فرض "الحق" وشخصيته التي يجب أن تكون جزءاً كبيراً من مواصفات وظيفته .. لا أدري إن كان للتطور الذي نعيشه تأثيراً مباشراً في صياغة مواصفات العسكري فقلبها رأساً على عقب أم أن متطلبات الحياة جعلت الرجال في زاوية مغيبة وطغت النساء في غير أماكنهن .. وربما جعلت الرجال أيضاً في أماكن مخفيه .. هذا التناقض بين العرض والطلب يرسم فوق رأسي علامات إستفهام كبيرة لم أجد لها الإجابات إلى الآن .. 49.39% عدد النساء، وحاجة بشريه لتنمية إقتصادية ولكن بطالة تجعلنا في مركز الخمسين عالميا حتى قبل الهند والصين، وفي الجانب الآخر توجهات لخلط الأوراق وصنع أولويات تنافي حتى مُثلنا الإجتماعية وتتنافي مع الطبيعة البشرية .. أشعر بأن القادم سيحمل حقاً الكثير من المشاكل الإجتماعية وظهور طبقة جديدة من كبار القوم لا يستطيع الرجل أن يمتزج بها لأننا ببساطة في مجتمع شرقي ومجتمع محافظ .. يهمنا المجتمع قبل الإقتصاد وتهمنا الأخلاق قبل الأموال .. ربما سيجادل الكثير ولكن واقعي الشخصي يقول هكذا ..

في الأخير .. لسنا في شركة حتى تكون التنمية الإقتصادية غاية أهدافنا وإن كانت أساس آخر في بناء الوطن .. يجب أن يحترم الإنسان وهيئته وأن يحترم المجتمع ونظرته إلى الأشياء وأن تحسب الإمور بحقائقها الثابته وأن تدرس الإحتياجات الحقيقية وأن لا تغفل عمداً أو إهمالاً .. وكفانا صقلاً لوجه عمان أمام العالم فبالفعل "لدينا الكثير للعمل في الداخل" و"اذا اردت ان تكون قويا في الخارج فكن قويا في الداخل" .. أتمنى أن تكون التوجهات صحيحة ومدروسة .. والرجوع إلى للوراء خطوة أخرى وما هي إلا شجاعة أعتقد أن لدينا الكثير منها ..

0 التعليقات

إرسال تعليق